الأحد، 31 مايو 2015

كوثر الأربش تعزي أم قاتل ابنها محمد عيسى في بيان هز عرش الطائفية

كوثر الأربش تعزي أم قاتل ابنها محمد عيسى في بيان هز عرش الطائفية
05-31-2015 07:22
  كتبت : هبة عراقي 

تحول موقع التواصل الاجتماعي تويتر إلى سرادق عزاء كبير للكاتبة كوثر الأربش أم الشهيد بإذن الله محمد العيسى، الذي ضحى بحياته لينقذ المصلين في تفجير مسجد حي العنود بالدمام، الأبرش في مصابها الجلل نشرت بياناً بعنوان (من الأرض : وداعاً يا ابني إلى الأبد وأنت في قناديل الله الآن) ترثي فيه ابنها وتعزي قاتل ابنها وتدعوا فيه لنبذ الفرقة والطائفية والإقصاء.

بيان الأربش كان حديث موقع التواصل الاجتماعي، وتم إعادة نشره على نطاق واسع حيث أثنى نشطاء ومشايخ على ماجاء به من دعوة إلى عدم الانجرار لأتون الفرقة، ودعاوى الطائفية والإقصاء.

وقالت كوثر في بيانها " إن ما أريد أن أقوله لكم جميعاً بالكثير من الصدق، وبالكثير من الحب: أن لا ننجر لأتون الفرقة، ودعاوى الطائفية والإقصاء، لا لأي حشد شعبي، ولأي عسكرة خارج إطار الدولة".

وأضافت "كلنا مستهدفون في لحمتنا، في نسيجنا، في تماسكنا، في قناعتنا التامة أننا وطن واحد، من قطيفه شرقاً، لرفحائه شمالاً، لجدته غرباً، ولنجرانه جنوباً".

وتناقل نشطاء على نطاق واسع صورة سيلفي التقطها عبدالجليل جمعة الأربش إلى جانب ابن خالته العيسى دون أن يعلم أنها ستكون الأخيرة لكليهما

image

وعبر تويتر توالت ردود الفعل، تقول منار الرياض ‏"#بيان_كوثر_الأربش_أم_الشهيد إمرأة هزت وهزأت عرش الطائفية..".

وأضاف عبد الله علي الجبرين "إمرأة بإلف إمرأة أم مكلومة بولدهاوفلذة كبدها تتعالى على الجراح والألم وتخرج ببيان واضح لامساومة ع الوطن".

وعلق د . سعد الدريهم "بيان #كوثر_الأربش يستمطر العبرات ، ولا نقول إلا ربط الله على قلبها ؛ ومن خلال كلماتها تدرك أن أصحاب المبادئ لا تغيرهم الحوادث..".

وتابع طارق الشامخ ‏"#كوثر_الأربش حاربت الإرهاب و ناضلت ضده و كأنها كانت تشعر ان يد الإرهاب الغادره ستغتال اغلى ناسها رحم الله احبابها و حفظ الله أوطاننا ".

وأكمل عيسى سوادي ‏"بشجاعة وقفت #كوثر_الأربش والدة #الشهيد_عبدالجليل_الاربش في وجه غلاة الشيعة، فقتل غلاة السنة فلذة كبدها. هذا تمحيص وابتلاء لها، أعانها الله".

الأبرش في خضم حزنها لم تنسى أن تعزى قاتل ابنها وسطرت في خاتمة بيانها " كما أعزي أم قاتل ابني وأعظم لها الأجر. لقد اختار ابنك خيرة الشباب وأنقاهم، ولو بذل جهده لينتقي لم يكن انتقاؤه بكل هذه الدقة، وأنا على معرفة تامة أن قلبكِ الآن كقلبي.. حزين وباكٍ".

ويرى علي محمد الضبعان ""تعزية الأستاذة كوثر لأم قاتل ابنها" شيء يُدرّس في قوة الإيمان والصبر وحنان الأمومة أكيييييييد أن #بيان_كوثر_الأربش_أم_الشهيد_يمثلني ".

وغرد محمد الرطيان مستشهداً بجزء من بيان الأبرش "ترك لأمهات أصدقائه أن يحتضن أبنائهنا كل يوم وترك حضني فارغا منه" لو أن لـ"التاريخ" حساب في تويتر لرتوتها، وفضّلها، وقبّل جبينها".

image
إضغط على الصورة لمشاهدة الحجم الكامل


وأخيراً إليكم نص البيان كاملاً كما جاء في حساب كوثر الأربش على تويتر:

بيان #كوثر_الأربش_أم_الشهيد محمد العيسى

(من الأرض : وداعاً يا ابني إلى الأبد وأنت في قناديل الله الآن)

"و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون"

كتب ابني محمد العيسى معرفًا عن نفسـه في برنامج الإنستغرام:
"يوما ما سيرى الأعمى بصمتي، وسيسمع الأصم بسيرتي".
وهذا فعلاً ما حدث، رأى الأعمى بصمته، وسمع الأصم بآخر ما كُتب من سيرته.
لقد تبرع لحماية المصلين، اندفع تجاه إرهابي مطوق بحزام ناسف بدلا من أن يفرّ، فعل هذا لسبب بسيط ومعقد في نفس الوقت:
(حماية الأبرياء، إيقاف هذه الوحوش الشرسة التي لا تستحق أن تكون جماداً حتى).

فعل هذا ابني محمد؛ لأنه يحمل في عقله فكرا مغايراً، معنىً تطبيقيًا وحقيقيًا لمفهوم الإنسانية. الجميع رأى بصمته، رأوه مقداما لا فاراً، رأوا اللحظة الأخيرة والانتقالية من الحياة إلى الموت ، رأوا جسده محمولا على يد المسعفين، ورأوه أيضًا ملفعاً بالبياض، ذاهبا لربه في عرشه الدائم والأزلي ليسكن إلى الأبد في قناديله المليئة بالضوء، تاركا خلفه فعلاً لن ينساه مئات المصلين، ملايين المواطنين، بل الكون كله. لكن أحدا لا يعرف سيرة الشهيد ابني محمد كما أعرفها أنا. أنا أمه. أمه التي ستبذل جهدها، عمرها، وما تبقى من كلمات لم تقلها كي تخبر الآخرين عن سيرته للناس جميعا. لقد كان ولداً خفيفا، لطيفا، أبيضَ والأهم من هذا كله: نقيًا. لم يكن مثل بقية الأطفال يطلب الحلوى والآيسكريم، كان الخبز طعامه، هكذا وبكل بساطه: خبزا جافا.

ما زلت أذكر ما حدث في بيت جده، فقدته وبدأت في البحث عنه، وجدته قرب صندوق يجمع فيه جده بقايا الخبز، وجدته هناك نائما، نائما وعلى فمه بقايا قضمة وابتسامة رضا واسعة كالفراغ. هكذا كان ولدا قنوعا خفيفا. كان حين يجوع يأكل خبزا، وحين يغالبه النوم ينام على الكنبة أو جانب طاولة الطعام؛ وكأنه بهذا التصرف الطفولي والعفوي يريد أن يخبرني أن علاقته بدنيانا علاقة عابرة، سريعة، قصيرة.

كبر محمد، وكبرت معه أحلامه وطموحاته، كبرت معه الأسئلة. لم يكن أحدا حوله يشبع فضوله. وفي نفس الوقت كان محبا للناس، كان خادمهم، و المباشرَ في المناسبات الدينية و الاجتماعية وقبل كل هذا مبتسماً دوماً ودائماً وإلى الأبد في وجوه العابرين صغارًا أو كبارًا.

محمد، ذو النسبة المئوية الكاملة و التفوق المدرسي. ذو البساطة و التلقائية و الحميمية في التعامل الإنساني مع كل من حوله. محمد ذو الروح الوثابة للتألق، للقيام بشيء ما؛ لترك أثرٍ يدلُ على الطريق. محمد مثالنا للوطن الشاب، المستلهم لماضيه، المتمكن من حاضره ليعيشه بكل ثوانيه، المتطلع لغده بكل أمنياته الخضراء.

ما كان محمد طائفياً أو إقصائياً أو نزّاعاً للفرقة. قَـَتَله الطائفيون و الإقصائيون و النزاعون للفرقة. ذهب عارياً إلا من دمه، ليرينا أن الأبطال ليسوا بالضرورة أن يكون كبارًا، الصغار يفعلون الأشياء العظيمة أيضًا.

وبعد كل هذا الحزن يبقى هناك صوت للحقيقة بدواخلنا يجب أن نفهمه جميعاً:
كلنا مستهدفون في لحمتنا، في نسيجنا، في تماسكنا، في قناعتنا التامة أننا وطن واحد، من قطيفه شرقاً، لرفحائه شمالاً، لجدته غرباً و لنجرانه جنوباً. نحنُ مستهدفون كي لا نتذكر بـأننا جميعاً مسلمون نشهدُ ألا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله، وأننا نصلي تجاه ذات القبلة، وأننا نرى الاختلاف ثراء و زيادة لا قتل وتدمير وأحزمة ناسفه. إن ما أريد أن أقوله لكم جميعاً بالكثير من الصدق وبالكثير من الحب:
1- أن لا ننجر لأتون الفرقة و دعاوى الطائفية و الإقصاء.
2- لا، لأي حشد شعبي و لأي عسكرة خارج إطار الدولة.
3- بيوتنا الداخلية. أفكارنا، موروثنا، ثقافتنا. كل هذا علينا مراجعته

ختاماً وكل الكـلام لا يكفي:
نعم أنا أم الشهيد محمد العيسى، وخالة الشهيدين عبد الجليل ومحمد الأربش. كنت دائما خصيمة عنيدة للطائفية، والتطرف والكراهية واختطاف العقول واستغفال البسطاء، و لو كان ذلك في بيتي. لم أدخر جهدا ولا وقتًا لمحاربة الضغائن والتحريض والإرهاب، سنياً كان أو شيعياً. كان ذلك قبل وبعد أن خسرت الكثير من علاقاتي، منهم من كان من عائلتي ومنهم من كان من أقربائي وما زال ذلك يحدث لي حتى بعد أن فقدت ابني. لطالما اتهموني بأني أحرض عليهم، وأنا ما حرضت إلا ضد الكراهية والتطرف والطائفية والإرهاب و الجهل. وكنت كلما قاسيتُ أذىً وشتمًا وتهديدا تشتد عزيمتي وإصراري على عدوي الأول وهو: التطرف.

لقد ذهب محمد حُرًا، اختار أن يكون درعا للمصلين. ترك لأمهات أصدقائه أن يحتضن أبنائهن كل يوم، وترك حضني فارغا منه. فأحمد الله أنه لم يكن لي ابنا كارهاً، محرضا، طائفيا مؤذيا للناس. بل افتدى الناس وذهب هو. كما أعزي أم قاتل ابني وأعظم لها الأجر. لقد اختار ابنك خيرة الشباب وأنقاهم، ولو بذل جهده لينتقي لم يكن انتقاؤه بكل هذه الدقة، وأنا على معرفة تامة أن قلبكِ الآن كقلبي.. حزين وباكٍ. كما أعزي بهذا الفقد الكبير كل أهلي وأخوتي وأبناء عمومتي وأبناء وطني الغالي. مصابي مصابكم، وكلنا في خندق واحد".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق