
هبة عراقي، يحيي البوليني
أكد الشيخ الدكتور سعيد بن مسفر القحطاني، في حوار خص به "حور"، إن "المرأة إذا خرجت إلى الرجال، واجتمعت بهن، واحتكت واختلطت بهن؛ حصل الفساد، وهذا من أمور الجاهلية، والعياذ بالله"، ولهذا فهو لا يؤيد عمل المرأة "في محلات تجارية تحتك فيها بالرجال، أو تلتقي فيها بالرجال".
ورأى الدكتور القحطاني أن حفل الطلاق ما هو إلا نوع من المكابرة والتعويض النفسي، ورفع لمعنوية للمرأة المطلقة أمام الناس، كاشفا عن أن أول وأهم أسباب انتشار ظاهرة الطلاق هو جهل الأزواج بالأساليب الشرعية لحل الخلافات.
وقال إن التعامل مع الزوجات يعتمد على العدل؛ مبينا أنه لم تحدث أية مشكلات أسرية بين زوجتيه اللتين تعيشان كأختين.
وأكد في حواره مع "حور" أن الزواج الجماعي فكرة مباركة وبناءة، ظهرت مؤخرا كحل للقضاء على ظاهرة العنوسة، لافتا إلى أن عزوف بعض الشباب والفتيات عنه بدعوى أنها انتقاص لمكانتهم الاجتماعية؛ هو من تلبيس الشيطان.
وتحفظ الشيخ الدكتور سعيد القحطاني في الرد عن سؤال "حور" حول دخول المرأة السعودية في مجلس الشورى والمجالس الانتخابية، كما تحفظ في الرد عن سؤال آخر يتعلق برأيه في اقتراح عضو مجلس الشورى الدكتور عيسى الغيث بتطبيق قيادة المرأة للسيارة بشكل جزئي لدراسة التجربة.
ونتركك قارئنا العزيز مع نص حوار "حور" مع الشيخ الدكتور سعيد القحطاني:
- بداية شيخنا الكريم، نريد التعرف إليك عن قرب، أعطنا نبذة عن حياتك العائلية، وكيفية تعاملك مع زوجاتك وبناتك.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وأهلا وسهلا ومرحبا بكم وبأسئلتكم.
فالحياة العائلية بالنسبة لي حياة عادية متواضعة، فأنا والحمد لله متزوج، وعندي زوجتان، ولي من الأبناء عشرة: أربعة ذكور، وست إناث، وكلهم قد تزوجوا -بحمد الله-، ومعظمهم قد أنجب، وكلهم أيضا قد أنهوا دراستهم في الجامعات، ومنهم من يعمل، وخصوصا الذكور: الابن الأول الدكتور أحمد أستاذ في الجامعة الإسلامية، والابن الثاني أنس مدرس في جامعة أم القرى، والابن الثالث البراء قاض في محكمة مكة المكرمة، والابن الرابع سهيل ملازم في هيئة الادعاء والتحقيق.
أما بناتي فهمن ربات بيوت ومن تعمل منهن: الابنة آسية وهي مدرسة في تحفيظ القرآن الكريم، أما الأخرى فهي رقية، وتعمل معيدة في قسم القراءات بجامعة أم القرى. أما الباقيات فهن ربات بيوت. فهذه نبذة مختصرة عن الأسرة.
أما التعامل مع الزوجات فهو يعتمد على العدل؛ لأن الله سبحانه حينما أباح التعدد فقد قيده بالعدل فقال: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً" (النساء: من الآية 3).
والعدل جزء من دين الإنسان، فمن قام به تنتظم الحياة، وتسعد به الزوجات ويُسعدن أزواجهن، وهذا ما أحرص عليه دينا وتعبدا لله -عز وجل.
وفي ظل العدل الذي أحاول أن أحققه في كل جوانب التعايش الزوجي، أشعر أن الأمر عادي، فلم تحدث أية مشكلات أسرية بين زوجتيّ، وهما يعيشان كأختين والحمد لله.
وبالنسبة للتعامل مع أبنائي وبناتي، فالتعامل معهم على التربية والحوار والاحترام والتقدير والعطف والإحسان ومتابعة أوضاعهم والاهتمام بشؤونهم، حتى رغم ابتعادهم في بيوتهم، فالكل في بيته، لكني لا أبتعد عنهم، فأقوم بالاتصال بهم، وتفقد أحوالهم وزيارتهم، وبذل الجهد في مساعدتهم فيما يطرأ على أسرهم من أحداث أو مستجدات أو مراجعات، وأجد منهم -والحمد لله- برا وطاعة واستجابة، وأعظم بر أجده منهم يقدمونه لي هو التمسك بطاعة الله، والسير على المنهج الذي أسير عليه، والالتزام بمنهج الله -عز وجل-، وهذا ما تحقق لي والحمد لله، وهذا من فضل الله -عز وجل.
- نفتقد إليك شيخنا في مواقع التواصل الاجتماعي، فآخر تغريدة لك في شهر سبتمبر الماضي، في حين يخصص معظم مشايخنا وقتاً للتواصل من الناس، بل ويعين بعضهم فريق عمل للإشراف على حسابه بـ"تويتر" و"الفيس بوك"، فأين مواقع التواصل الاجتماعي من فضيلتك؟
بالنسبة لعدم وجودي بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، فلا أخفيكم القول بأنه يرجع إلى عدم معرفتي الكاملة بفنيات التواصل وكيفيته، وقد بذلت عدة محاولات، لكني لم أصل فيها لدقائق المعرفة الكاملة بها؛ لأن هذه المواقع ومتابعتها تحتاج إلى وقت وممارسة وتدريب ومواصلة، وبالنسبة للوقت فغالب وقتي –ونسال الله المعونة- مشغول، إما بالدعوة والسفر، وإما بالشؤون الدعوية الأخرى التي تفرضها الدعوة على الداعية، كإجابة أسئلة السائلين، وحل مشكلاتهم، والاستماع لهم، ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم بلقاءات مباشرة قد تمتد طويلا. ولهذا ففي أغلب الأوقات قد لا أعود من مسجدي إلى بيتي إلا بعد ساعات للاستماع للناس في طريقي، هذا بالإضافة إلى متابعة أسرتي وأبنائي في زيجاتهم وبيوتهم، فأقوم بزيارتهم وحل مشكلاتهم، وبالتالي صعب علي الأمر. ولكني عندما وجدت من يقوم بالكفاية عني من مشايخنا ودعاتنا على هذه المواقع الاجتماعية؛ حمدت الله ولم أجد قوة الدافع الملحة لتخصيص وقت كثير له، وربما إن جد أمر يحتاج لذلك رتبت له أمره -بإذن الله.
- اقترحتَ فضيلتكم عقد دورات إلزامية تأهيلية للمقبلين على الزواج، وقوبل الاقتراح باستجابة وسيتم تنفيذه بعد ثلاث سنوات، هل ترى أن ذلك الاقتراح سيساهم في الحد من حالات الطلاق؟
نعم بالفعل اقترحت هذا الاقتراح، وذلك بعد أن لاحظت، وشاركني غيري في الملاحظة، وجود فشل كبير في الزيجات الحديثة، وبروز ظاهرة الطلاق، حتى بلغت في بعض المناطق 50% من الزيجات، وخاصة في السنة الأولى للزواج، وهذا أمر لابد وأن يدعو الجميع للقلق على المجتمع كله. وأول وأهم أسباب هذه الظاهرة الخطيرة هو جهل الأزواج بالأساليب الشرعية لحل الخلافات والمشكلات الزوجية، فعندما تكون البدايات بعيدة عن الله، وبها الكثير من الغفلة عن الدين، لا يعرف الشباب والفتيات عن الزواج إلا الجانب المادي والدافع الجنسي فقط، وهذا سرعان ما ينقضي في الفترة الأولى من الزواج، حتى إذا انقضت ظهرت مشكلات للزوجين لم يؤهلا لها، ولم يعرفا الطرق الشرعية لعلاجها، ولله الحمد قوبلت الفكرة بالاستجابة، وتمت دراستها على أعلى المستويات، وبإذن الله تجد طريقها للخروج والتطبيق
- البعض يرى أن في هذه الدورات عبئا ماديا سيضاف على كاهل الشباب، فلماذا لا تكون هذه الدورات مجانية بدعم من الدولة؟
لا أعتقد أن هذه الدورات ستمثل عبئا ماديا إضافيا على الشباب؛ لأنها دورات مجانية ستقوم بها المراكز الخيرية، فلم أستهدف في اقتراحي أن تكون هذه الدورات ربحية، بل اقترحت أن يقوم بها العلماء بالمجان احتسابا لوجه الله، وهذا ما أعتقد أنه سيكون موجودا بإذن الله. وأرى أن تقوم بهذه الدورات المجانية المراكز والجمعيات الخيرية وجمعيات البر وجمعيات الزواج، فلا أريد أن تكون هذه الدورات يدفع فيها الدارس أي مبالغ؛ لكي لا تمثل هي أيضا عبئا جديدا على كاهل الشباب.
- مدة الدورة التأهيلية هل تكفي أيام لتغيير مفاهيم الشاب أو الفتاة عن الزواج؟ وما هي نصيحتك للمقبلين على الزواج؟
لا أعتقد أنها تحتاج أكثر من خمسة أيام، وبمعدل ساعة يومياً، وأعتقد كذلك أنها كافية؛ لأنها ستعطي الشاب والفتاة المنهج أو البرنامج المتكامل الذي يشمل آداب الحياة الزوجية وطرق التعامل، وأيضا كيفية إيجاد الحلول للمشاكل التي تحدث بين الزوجين بالطرق الشرعية. وسوف يكون فيها أيضا وسائل إقامة الحياة الزوجية السعيدة وأسسها من الاحترام المتبادل واعتماد مبدأ الحوار بين الزوجين، والشعور بأن المرأة شريكة وشقيقة للرجل؛ لأنهن شقائق الرجال، وفيها يدرس الشاب والفتاة المقبلان على الزواج الحقوق والواجبات التي تجب على الزوج تجاه زوجته، وكذلك التي تجب على الزوجة تجاه زوجها. وهي كلها أمور بسيطة، لكنها مؤثرة جدا في الحياة الزوجية المستقبلية، وكثير من الشباب لا يعرفونها، ولا يهتمون بدراستها، ولهذا يمكن أن تقدم في خمس محاضرات وافية، ويمكن بعد أن يدركها الشاب والشابة أن يختبر الجميع فيها؛ حتى يتم التأكد بأن كلا منهما قد أدرك ما فيها من مواضيع، واجتاز الدورة بنجاح.
- ارتفاع تكاليف الزواج عامل أساسي في تأخر سن الزواج وانتشار العنوسة، ما هو الحل من وجهة نظرك؟
بالفعل هذه معضلة اجتماعية يعاني منها الكثير من الشباب والفتيات، وتؤثر تأثيرا بالغا على الأسر، ومن ثم على المجتمع كله، وهي من أهم عناصر الشر التي يمكن أن تؤدي إلي فساد المجتمع، فالزواج هو الحل الشرعي والوحيد لتحصين الشباب، فكما جاء عن النبي صلي الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء" [1].
ولنا أن نعلم أنه إذا وُضعت العراقيل في سبيل إتمام الزواج، فسيعمل الشيطان بحرص على إفساد المجتمع، وحينما تغلق الأبواب الشرعية فلن نأمن أن تُفتح الأبواب الشيطانية لنشر الفساد في الأرض -والعياذ بالله-، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- ربط بين عدم الموافقة على الكفء صاحب الدين بفتح أبواب الفتنة والشر، فقال صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" [2].
وبهذا فما يمارسه الناس الآن من غلاء في المهور، والمفاخرة في حفلات الزواج، وعقدها في الفنادق الفخمة والاستراحات، والمبالغة في الولائم، وذبح العشرات بل المئات من الذبائح، وما يضاف إلى ذلك من الذهب ومن الملابس ومن الإضاءات والسيارات، ومن كل ما في جنس هذه الأمور، ما أنزل الله بها من سلطان، وهي التي تؤدي إلى عجز الشباب، وصرفهم عن الزواج، وبالتالي بقاء البنات من غير زواج.
والذي أنادي به بعد أن يتقي الآباء الله في بناتهم وفي أولادهم، أن يتبعوا هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فييسروا المهور أولا، فإن "من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها" [3].
ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يبالغ في مهر بناته، ولا مهور زوجاته، فهل على وجه الأرض أفضل وأكرم من بنات النبي -صلى الله عليه وسلم- وزوجاته، فلو كان غلاءالمهور مجداً لكنَّ –رضي الله عنهن- أولى به.
ولهذا حينما ييسر كل ولي أمر زواج ابنته أو وليته، ويعمل بالسنة، ويبتعد عن التعقيد والمبالغة والمغالاة في المظاهر؛ سيؤدي إلي تحصين المجتمع، وحفظ شبابه ومقوماته الاجتماعية، وبإذن الله حينها تختفي تلك الظاهرة المؤلمة المدمرة.
- تحجم بعض الفتيات عن مشروعات الزواج الجماعي، ويرين فيها انتقاصا من مكانتهن الاجتماعية، ماذا تقول لهن؟
هذا الزواج الجماعي فكرة مباركة وبناءة، وظهرت في الآونة الأخيرة لتقدم حلا من الحلول المناسبة للقضاء علي ظاهرة العنوسة، وتأخر سن الزواج عند الشباب والفتيات. وأنظر لعزوف بعض الشباب والفتيات عنها بدعوى أنها انتقاص لمكانتهم الاجتماعية؛ أنه أمر من تلبيس الشيطان، وصده عن كل ما ييسر للناس إقامة الطاعات.
فلا أرى فيه أي انتقاص لمكانة وقيمة أي من هؤلاء الأزواج ولا العائلات، بل أقول إن في هذه الفكرة حماية ورعاية وتخفيفا عن كاهل الشباب والأهل، فبدلا من إقامة مائة عرس يذبح فيها المئات والآلاف من الذبائح، وتنفق فيها –بل في الواحد منها- مئات الألوف في استئجار الفنادق والاستراحات وقصور الأفراح، يمكننا أن نجمع هذا المائة زيجة في حفل واحد جميل، ويصرف عليه ما قد يصرف في حفل زواج واحد، ويمكن أن تقوم قصور الأفراح والجمعيات متبرعة بإقامة مثل هذه الحفلات، وممكن أن يساهم أهل الخير بالتبرع بالأغنام والذبائح والهدايا التي تقدم للعروسين، وهكذا.
فهذا من باب تيسير الطاعات للمسلمين، وليس فيه انتقاص أبدا، ومساعدة المتزوج في الإسلام أمر شرعي حث النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث بلال: "لما تزوَّج بلال أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بذهبٍ، قال لبلال: "سُق هذا"، ثم قال: "أعينوا أخاكم في وليمته" [4].
فالمعاونة والمساعدة ليس فيهما انتقاص، وإنما هو نوع من الواجب الديني، وعلى الشباب أن يقبلوهما، إلا إن كان الإنسان ميسورا، فمن كان ميسورا فلا نطلب منه أن يشارك في حفلات الزواج الجماعي، ولكن حينما يكون الإنسان محتاجا، وليس عنده إمكانية فهل الأصوب أن يستدين المبالغ الطائلة ويظل مدينا لفترة طويلة من عمره حتى لا يقول الناس إنهشارك في زواج جماعي؟! دعوا حديث الناس جانبا وافعلوا الأولى بالمصلحة في هذه الأمور.
- تعاني السعودية من ارتفاع معدلات الطلاق، وصاحب ذلك انتشار حفلات الطلاق في المجتمعات العربية، ومؤخراً في السعودية بمباركة بعض الكتاب والصحفيين، ما رأيك؟
كما قلت آنقا، فارتفاع معدلات الطلاق ينتج أولا عن عدم الفهم لأسلوب التعايش بين الزوجين، وهناك أسباب كثيرة ومتفاوتة للطلاق، ولكنها كلها تنتج عن خلل في فهم العلاقة الزوجية لكلا الزوجين، وهذا يمكن الحد من كثير منه بالدورات التي تحدثت عنها، وأما تفعله بعض النساء من حفل الطلاق فلا أراه إلا نوعا من المكابرة والتعويض النفسي، ورفع لمعنوية للمرأة المطلقة أمام الناس، والطلاق –شئنا أم أبينا - يعتبر كسرا وكارثة ومصيبة، وخاصة للزوجة، وهو أبغض الحلال إلى الله، ولهذا أعتبر أن كل من تقيم حفلا للطلاق أنها تغالط نفسها؛ حتى لا ينظر لها المجتمع نظرة دونية، وأعتبره مساويا تماما لمن يقيم حفلة إذا مرض، أو إذا مات له قريب مقرب، وهذا نوع من المغالطة، ولا ينبغي أن يحدث.
- ما رأيك باقتحام المرأة في مجلس الشورى والمجالس الانتخابية؟
أعتذر عن إجابة هذا السؤال حاليا.
– ما رأيك في اقتراح عضو مجلس الشورى الدكتور عيسى الغيث بتطبيق قيادة المرأة للسيارة بشكل جزئي لدراسة التجربة؟
أعتذر عن إجابة هذا السؤال حاليا.
- هل أنت مع أم ضد عمل المرأة؟ والقرار الأخير بتأنيث محلات مستلزمات المرأة؟
أولا وظيفة المرأة الرئيسية هي أسرتها وبيتها وأبناؤها وبناتها وزوجها، فهذا هو الأساس في عمل المرأة؛ لأن الله -سبحانه وتعالي- خلق الزوجين، وهيأ لكل واحد منهما عمله الذي يناسبه، فعمل الرجل خارج البيت، وكلفه الله بالإنفاق على الزوجة، وعمل المرأة داخل البيت لبناء الإنسان، فأغلب عمل الرجل في الماديات وإقامة البيوت ماديا، أما المرأة فعملها الأساسي الذي لا ينازعها فيه أحد هو إقامة الإنسان. فهي التي تحمل وتضع وترضع وتربي وتبني الإنسان، فأيهما أفضل؟ هل العمل المتعلق بالإنسان مباشرة، أم العمل المتعلق بالجدران والنجارة والحجارة والزراعة والتجارة؟ فكل هذه الأمور مادية لكن الإنسان أهم.
وللأسف الشديد أسندت اليوم هذه الوظيفة المهمة والأساسية، وهي رعاية الإنسان، إلى الخادمات، وقامت المرأة بالبحث عن العمل في محلات التجارة وفي المصانع، وضيعت وظيفتها الأساسية، فضاع الإنسان!
نحن مسلمون نسير علي المنهج القرآني، والله -عز وجل- يقول: "وقرن في بيوتكن"، فقرار المرأة في بيتها يؤدي إلي قيامها بواجبها، وإلى القضاء على الفساد؛ لأن المرأة إذا خرجت إلى الرجال، واجتمعت بهن، واحتكت واختلطت بهن؛ حصل الفساد، وهذا من أمور الجاهلية، والعياذ بالله.
ولهذا فأنا لا أويد عمل المرأة في محلات تجارية تحتك فيها بالرجال، أو تلتقي فيها بالرجال، وإنما العمل الذي أراه -إذا اقتضت ظروف الحياة– يكون مثلا في أمور التعليم، فإنه يعمل واجب، والحمد لله في ظل الأنظمة التي مَن الله علينا بها في المملكة العربية السعودية، فلا مانع للمرأة أن تعمل في هذا المجال؛ لعدم وجود الاختلاط، وكذلك يمكن العمل بالتمريض، وهذا فيه مشكلة الآن؛ لعدم تخصيص مستشفيات لعلاج النساء، وإنما يتم العلاج في مستشفيات مختلطة، وبالتالي فإن المرأة إذا صارت طبيبة أو ممرضة ربما تفرض عليها ظروف الحياة العملية أن تلتقي بالأطباء وبالممرضين، وأيضا بعض المراجعين، وهذا فيه ما فيه من الفساد في الأرض، فينبغي الحرص على عدم الاحتكاك في مثل هذه الأعمال
.
- ما نصيحتك للأم؟ فتربية الأبناء مهمة صعبة، كيف يمكن أن نبني جيلا واعيا ومتدينا وقادرا على مواجهه تحديات العصر؟
لا شك أن دور الأم دور بارز وبناء وأساسي في التربية، فهي الأساس في التربية حقيقة، فمعايشة الطفل لها أكثر بكثير من والده، فالأب –عادة- لا يأتي المنزل إلا لأوقات قليلة، ومعظم وقته خارج البيت في عمله، والابن يتعلم من أمه بمخالطته لها كثيرا من عاداته وتصرفاته، وصلاح الأم صلاح للولد، والعكس، وكما قال الشاعر أحمد شوقي:
الأم مدرسة إذا أعددتها *** أعددت شعباً طيب الأعراق
وعلى الأم أن تمارس دورها وتقوم به في تربية أبنائها، وتوجيههم وغرس الإيمان في قلوبهم، وتعويدهم على مكارم الأخلاق، وتنتبه لحماتيهم من قرناء السوء والأخلاق السيئة، فلاشك أنهم -بإذن الله- يتأثرون بذلك، وبالتالي نبني جيلاً واعياً متمسكاً بدينه وعقيدته.
- كيف تختار دروسك وخطبك، وما هي القضايا ذات الأولوية في مجتمعنا في الوقت الحالي؟
منهجي في اختيار الدروس بحسب الاحتياج، وبحسب ما يطلب مني القائمون على العمليات التربوية في بعض المساجد والملتقيات والمخيمات، أن أتحدث فيه عن مواطن الخلل التي يجب مناقشتها، وإلقاء الضوء عليها، فأفضل ما تكون المحاضرات هي التي تمس واقع الناس وحاجاتهم، وتبين لهم ما جهلوه، وتعطيهم ما يحتاجون إليه.
أما القضايا العامة التي تدور حولها المحاضرات، وأراها في غاية الأهمية: قضايا الإيمان، وأحاول دومًا أن أركز على قضايا الإيمان ، لأن الإيمان هو الأساس في كل شيء.
وغالبيتنا يعاني من أزمة فيه, كما قالت عائشة وغيرها من الصحابة – رضي الله عنهم- : " تعلمنا الإيمان قبل القرآن فما جاء القرآن عملنا به وإنكم اليوم لتقرؤون القرآن قبل أن تتعلموا الإيمان فلا تعملون به ".
والإيمان هو الأساس, ولهذا أركز دائمًا على إزالة الشبهات التي قد تعلق في قلوب الكثير من الناس لاسيما في هذا الزمن .
ومن أهم ما يؤرقني فتنة الاتصالات وأثرها على قضية الإيمان, فلقد أزاحت الحواجز بين الشعوب والأمم وأصبح بالإمكان بكل يسر أن يرى المسلم الكفر ويسمع به أمامه في كل لحظة , وربما تأتي تغريدة إلحادية يتأثر بها الناس .
ولهذا أرى أن درء مثل هذه الشبهات سهل, لكن التصدي لها والقضاء عليها هو واجب مقدم على العلماء والدعاة إلى الله .
ومما أهتم به في محاضراتي أيضًا مشاكل الشباب, لأنهم الآن يتعرضون لهجمة شرسة جدًا, وأيضًا أهتم بالأسرة وشئونها وكل ما تعلق بها.
- برأيك ما هي أعظم المخاطر التي تحيط بالمرأة في المجتمع السعودي؟ وكيف يمكن للمرأة التصدي لتلك المخاطر ومواجهتها؟
بالطبع لابد أن نعلم أن هناك هجمة شرسة موجهة للمرأة المسلمة عامة, وللمرأة السعودية خاصة, وهناك من الأفكار ما توجه إليها السموم بكثرة وأهمها على الإطلاق حجاب المرأة المسلمة, إذ أن حجاب المرأة هو سلاحها في مواجهة أعدائها .
ولهذا فأعظم المخاطر التي تواجهها هو ترك حجابها وخروجها إلي سوق العمل للوصول إليها فإن عباد الشهوات وأرباب النزوات ممن غُسلت أدمغتهم وأُفسدت أخلاقهم خارج هذه البلاد حينما كانوا خرجوا منها أو ممن تأثروا بهم في داخلها صعب عليهم أن يصلوا إلي المرأة المسلمة السعودية, وشق عليهم أن يستمتعوا بها وأن يجعلوها مكانًا لإرواء نزواتهم لتمسكها بفضائلها وحجابها وسترها وعفافها.
فصعب عليهم ذلك في ظل تمسكها بعقيدتها والتزامها بحجابها وعدم مخالطتها للرجال، فرفعوا شعاراتهم الكاذبة والخادعة، كشعار التحرير وشعار المساواة ظنًا منهم أنهم سيحصلون على مرادهم من المرأة، وتستجيب لهم بأن يخرجوها من بيتها لمخالطة الرجال .
ولكن - والحمد لله - باءت أهدافهم بالفشل ومُنوا بالهزيمة, نظرًا لإدراك المرأة السعودية لدورها الرائد الذي لم ينتقص منه حجابها بل زادها شرفًا ورفعة .
فتعلمت - بحمد لله - واحتلت أعلى الدرجات العلمية، وتحصل على أرقى المؤهلات الدراسية، ولم يمنعها ذلك من أن تكون متحجبة ومتدينة ومتمسكة يدينها وشريعتها وقيمها.
وأحب أن أبشركن أن ظاهرة التدين في النساء صارت الآن شيئًا ملموسًا ظاهرًا وبينًا, ومن خلال ما ينقل لي عن الأخوات في الجمعيات لتحفيظ القرآن الكريم أعلم أن الإقبال في الجانب النسوي أفضل منه في جانب الرجال, وأن دُور الحافظات تنتشر في جميع مدن المملكة ومحافظاتها ويلتحق بها المئات ممن يرغبن في الخير ويحببنه, وهذا بإذن الله عز وجل كفيل برد هذه المخاطر ومواجهتها والحمد لله.
- كيف بدأت فكرة مشروع مزنة الخير ؟ وهل ستصمد في ظل الهجمات المتعددة التي تشهدها الساحة ؟
فكرة مشروع (( مزنة الخير )) فكرة رائعة ورائدة, والذين تبنوها من الإخوة والأخوات يمارسون هذا العمل احتسابًا لوجه الله عز وجل, وإدراكًا منهم إلى أهمية توعية المرأة المسلمة، وإرشادها ودلالاتها على طرق النجاة, وبإذن الله عز وجل أتوقع لها النجاح والصمود والتصدي لهذه المشاريع الخبيثة السابقة, وأسال الله سبحانه وتعالى أن يتحقق على جهود إخوانا وأخواتنا الخير في هذه الفكرة وهذا المشروع المبارك.
- ما هي نظرتك المستقبلية للمرأة السعودية وفق متغيرات العصر؟
دائمًا أنظر نظرة تفاؤل بإذن الله , وأثق دومًا أن تمسك المرأة – بل كل مسلم - بكتاب ربها وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلن يضرها شيئًا مهما تغير العصر, فالإسلام صالح ومصلح للإنسان في كل عصر ومصر .
إننا نقف على أرض صلبة من اليقين من الثوابت التي لا تتغير, ومهما حدث من شرور أو تغيرات في المجتمعات فثباتنا على مبادئنا وعلى عقائدنا وعلى أصولنا هو الكفيل بإذن الله للصمود في وجه كل تيارات الحياة .
- من برأيك قادرة على تمثيل المرأة السعودية وهل هناك شروط معينة لاختيارها وهل ترشح أسماء بعينها ؟
المرأة السعودية هي امرأة مسلمة متدينة وملتزمة , ويمثلها أيضا المرأة الملتزمة والمتدينة والواعية التي حصلت علي المؤهلات سواء الشرعية المتخصصة أو العلمية المدعمة بثقافة دينية واسعة, وهي أيضا التي تتحلى بإيمانها العميق وثقافتها العريضة بما يتعلق بأساليب الحياة, هي القادرة بإذن الله على تمثيل المرأة السعودية.
أما عن الأسماء التي أرشحها ، فأعتذر لأني لا أعرف أحدًا حتى أرشحه في هذا الجانب.
- كلمة أخيرة تود قولها .
أتوجه أولا إلى الله عز وجل بالدعاء لأخواتي وبناتي المسلمات بأن يحميهن الله سبحانه وتعالى ويوفقهن، وثانيًا أوجه تحذيري لهن من التساهل في قضية الحجاب أو الانفتاح الكثير علي وسائل الاتصال ، لأن بعض النساء والبنات يتساهلن كثيرًا في الاتصالات أو التواصل الاجتماعي مع الرجال الأجانب بحسن نية وببراءة, ولكن لا تدري الواحدة منهن الأساليب الخبيثة التي يتبعها بعض الرجال الخبثاء الذين يصطادون في الماء العكر، ويستغلون مثل هذه الوسائل لإرضاء رغباتهم وغرائزهم, فربما يخدعون الفتاة البريئة ويغررون بها بدعوى الزواج والشروع فيه, ويدعي بعضهم أيضا التدين .
وقد عرفنا من خلال قصص واقعية كثيرة أن هؤلاء كلهم لصوص على الأعراض وأنهم كذابون, وأنهم يستدرجون المرأة حتى يقضوا منها وطرهم ثم يركلونها بأقدامهم ويتخلصون منها, وأربأ بأخواتي وبناتي أن يكن فريسة لهؤلاء.
فأحذر المرأة ألا تنفتح في هذه الجوانب وان تكون محافظة على دينها وقيمها, ولا تنساق حتى في العبارات لأن الله يقول " فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً " (الأحزاب: من الآية32)
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد صلي الله عليه وسلم نشكر لكم فضيلة الشيخ وقتكم الكريم وجهدكم المبارك وجزاك الله كل خير .
حفظكم الله وبارك فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق