السبت، 25 مايو 2013

بورما جرحٌ غائر في ضمير الأمة الإسلامية



 بورما جرحٌ غائر في ضمير الأمة الإسلامية


هبة عراقي: المسلمون في بورما إخواننا في الله يعيشون جحيماً حقيقياً، يتجرعون كأساً مريراً يُصَبُّ في حلقهم في كل لحظة، فالمجازر المروعة لا تتوقف، وحملات التشريد تجري على قدم وساق، اجتمع لهم البؤس بكل أصنافه، ولا يملكون سوى الصراخ.

قرى بأكملها أُحرقت أو دُمِّرت فوق رؤوس أهلها، لاحَقوا حتى الذين تمكنوا من الهرب في الغابات أو إلى الشواطئ ، وقتلوا العديد منهم، وأقاموا تجمعات، كي يقتلوهم فيها ببطء وبكل سرية، بعيداً عن أعين الهيئات الدولية والجمعيات الخيرية ووسائل الإعلام.

سيكتب التاريخ الإسلامى بالدم قصص شهداء بورما الذين اختاروا لقاء الله بشرف على ارتكاب المعاصي، فكثيراً ما يتم تخييرهم بين شرب الخمر أو أكل لحم الخنزير أو الموت وطبعاً يختارون الموت.

 بعض الصور المنقولة من هناك تعكس مأساة بشعة تمتد لقرنين من الزمان، يقشعر لها الأبدان، وينزف لها قلوب الرحماء، ولكن لاتصل إلينا الحقيقة كاملة، وهناك من يعمل على تشويه صورتهم وقضيتهم ببث صور مزيفة بغرض السخرية والتضليل، فيارب رد كيد الكائدين وانصر المستضعفين.

مسلمو بورما تاريخ من التشريد والإبادة




سعت السلطات الحاكمة في بورما منذ قديم الأزل إلى القضاء على المسلمين واقتلاع جذور الإسلام عن أرض بورما، وذلك بقتل ونهب وتشريد ومسخ هويّة المسلمين وطَمْس شعائرهم ،حيث استشهد عدد كبير من المسلمين، واضطرّ أكثر من  خمسمائة ألف مسلم إلى مغادرة بورما.


في عام 1938م قام البوذيون وبدعم من الإنجليز، حين كانت بورما مستعمرة بريطانية، بارتكاب مذبحة قتل فيها ما يقرب من ثلاثين ألفا من المسلمين، وأحرق مائة وثلاثة عشر مسجدًا.

وفي عام 1942م ارتكب البوذيون مذبحة أخرى في أركان، ذهب ضحيتها ما يقرب من مائة ألف مسلم، وهي المذبحة التي دمروا فيها جنوب أركان بالكامل.

وفي عام 1361هـ  قام البوذيون بمساعدة السلطة الداخلية بالقتل والدمار الشامل على المسلمين في جنوب أراكان، حيث استشهد حوالي مائة ألف مسلم.

ومنذ أن استولى الجيش على مقاليد الحكم  1398هـ  شرّدت بورما أكثر من نصف مليون مسلم في ظروف سيئة جداً، حيث توفي أثناء التهجير ما يقرب من أربعين ألفاً من النساء والأطفال والشيوخ حسب إحصائية لوكالة غوث اللاجئين.

 وفي عام 1402هـ ، ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنّهم متوطّنون في بورما بعد عام 1239هـ ، رغم أنّ الواقع يُكذّب ذلك.

وعندما فازت المعارضة في الانتخابات الوحيدة في بورما عام 1412 هـ، والتي ألغيت نتائجها؛ دفع المسلمون الثمن لأنهم صوتوا لصالح المعارضة، فطردوا منهم ما يقرب من نصف مليون مسلم أيضا.

مسلمو بورما يواجهون الجحيم




ننتقل إلى الوضع الراهن حيث يتعرض المسلمون في بورما وخصوصًا في (أراكان) لسلسلة لا تنتهي من أعمال عنف ذهب ضحيتها أرواح وممتلكات.


ممنوع على المسلمين في بوما

-لا يسمح للعائلة الى بمولودين فقط ومن يولد له أكثر من ولدين يوضع أولاده علىالقائمة السوداء وهي تعني أنهم غير معترف بهم وليس لهم حقوق ويعرض العائلة للعقوبة مما يضطر العائلة في أحيان كثيرة الى إخفاء أولادهم عند التعداد السكاني وكثيرا ما يسجل أولاد القائمة السوداء باسم جداتهم وأقاربهم خوفاً عليهم.

- حرمان أبناء المسلمين من مواصلة التعلُّم في الكليات والجامعات، ومن يذهب للخارج يُطوى قيده من سجلات القرية، أما إذا عاد فيُعتقل عند عودته.

- غير مسموح للمسلمين بالانتقال من مكان إلى آخر دون تصريحٍ يَصعُب الحصول عليه.

- عدم السماح لهم باستضافة أحد في بيوتهم ولو كانوا أشقاء أو أقارب إلا بإذن مسبق، أما المَبيت فيُمنع منعًا باتًا، ويعاقَبُ عليها بهدم منزله أو اعتقاله أو طرده من البلاد هو وأسرته.

- عدم السماح للمسلمين بالعمل ضمن القطاع الصناعي في (أراكان).

- حرمان المسلمين من إصدار المطبوعات الإسلامية إلا بإذن رسمي، وهذا أمر صعب جدًا.

- منعهم من إطلاق لِحاهُم أو لبس الزيّ الإسلامي في أماكن عملهم.

- منع استخدام مكبرات الصوت لإطلاق الأذان.

- منع المسلمين من أداء فريضة الحجّ باستثناء قلة من الأفراد الذين تعرفهم الحكومة وترضى عن سلوكهم. ومنع ذبح الأضاحي.

حكم القوي على الضعيف

- يتم إرغام المسلمين على تقديم الأَرُز والدواجن والماعز وحطب النار ومواد البناء بالمجّان طوال العام إلى الجنود وهيئات التنفيذ القانونية.

- فرض العمل القسري لدى الجيش سُخرة دون مقابل.

- إرغام الطلاب المسلمين في المدارس الحكومية على الانحناء للعَلَم البورمي.

- مصادرة الحكومة البورمية أراضي المسلمين وقوارب صيد السمك دون سبب واضح.

- فرض الضرائب الباهظة على كل شيء، ومنع بيع المحاصيل إلا للعسكر أو من يُمثّلُهم بسعر زهيد.

- إحراق محاصيل المسلمين الزراعية وقتل مواشيهم.

- مصادرة ممتلكات الأوقاف والمقابر المخصصة لدفن المسلمين وتوزيعها على غيرهم أو تحويلها إلى مراحيض عامة أو حظائر للخنازير والمواشي!!

- امتهان كرامة كبار العلماء وضربهم وإرغامهم على العمل في معسكرات الاعتقال.

- يتم أخذ النساء عنوةً من منازلهن وإجبارهن على العمل في معسكرات الجيش دون مقابل.

- إجبار الفتيات المسلمات على الزواج من البوذيين.

- فرض العمل الإجباري على المسلمات غير المتزوجات في قيادة القوات المسلحة لمدة 6 أشهر.

-  انتهاك حُرُمات النساء وإجبارهنّ على خلع الحجاب.

-  الاغتصاب الجماعي وهتك الأعراض في صفوف المسلمات.

تغيير الواقع قسراً

-  تقوم السلطات هناك بتسليم البوذيين منازل في المناطق التي يسكنها المسلمون في محاولة لإحداث تغييرات ملموسة في التركيبة السكانية لمناطق المسلمين.

- إصدار قانون الجنسية الجديد الذي صدر عام 1982 ويُقسّم المواطنين كما يأتي:

 أ- مواطنون من الدرجة الأولى وهم: (الكارينون والشائيون والباهيون والصينيون والكامينيون).

ب- مواطنون من الدرجة الثانية: وهم خليط من أجناس الدرجة الأولى.

ج- مواطنون من الدرجة الثالثة: وهم المسلمون الذين صُنِّفوا على أنهم أجانب دخلوا (بورما) لاجئين أثناء الاحتلال البريطاني فسُحبت جنسياتهم وصاروا بلا هوية.


- لكي تحد الحكومة من ارتفاع نسبة السكان في صفوف المسلمين قامت برفع سن الزواج للفتيات لـ25 عامًا والرجال 30 عامًا.

-إعطاء حُقَنْ مانعة للحمل للنساء المسلمات في حالات كثيرة، ومنع التعدد منعًا باتًا مهما كان السبب، ومنع الزواج مرة أخرى للمطلق أو الأرمل إلا بعد مرور سنة.

- هدم المساجد وتحويلها إلى مراقص وخمّارات ودُور سَكَن أو تحويلها إلى مستودعات وثكنات عسكرية ومنتزهات عامة...

- حملات التنصير لا سيما بعد الإعصار الأخير.

- المحاولات المستميتة ل (بَرْمنة) الثقافة الإسلامية وتذويب المسلمين في المجتمع البوذي البورمي قسرًا.

- طمس الهوية والمعالم والآثار الإسلامية.

المساعدات والجهود المبذولة




قامت بعض الجماعات والحركات والمنظمات الإسلامية بتقديم بعض المساعدات للمسلمين في بورما، و في بنغلاديش من خلال بعض المنظمات التابعة للأمم المتحدة وبعض البرامج لمنظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي ومنظمة تضامن الروهنجيا والتي لها ممثلينفي بعض الدول مثل المملكة العربية السعودية.


إلا أنّ الجهود التي تُبذل ما زالت محدودة الأثر تنحصر في توزيع المعونات الغذائية والإعانات العينية ،في الوقت الذي يتطلع فيه المسلمون هناك إلى مزيد من الدعم والوقوف بجانب قضيتهم.

ختاماً: نذكر أنفسنا وإياكم بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحُمّى".

وفي التاريخ الإسلامي قصة لا نمل من ذكرها، فصرخةٌ واحدةٌ من امرأة قالت "وامعتصماه" كانت كفيلة بتجهيز جيوش المسلمين.

نسأل الله تعالى أن يكشف كرب المسلمون في بورما، وينفِّس همهم، ويحقن دماءهم، ويهلك أعدائهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق