السبت، 2 فبراير 2013

قراءت تحليلية في تحقيق الحرة الأمريكية عن الشيعة بالسعودية

نوفمبر - 25 - 2012


المقال (هبه عراقي ) :

تولي القنوات الأجنبية اهتماماً كبيراً بموضوع الأقليات الدينية في البلدان العربية  مثل الشيعة في السعودية والمسيحيين في مصر ، وتتعمد هذه القنوات تناول الأحداث التي تخص هذه الأقليات بالتضخيم والتهويل والانحياز لفكرة التمييز ضد هذه الأقليات ومحاولة بث بذور الفتنة بين أبناء الوطن الواحد .
يقول الكاتب (حازم غراب ) في مقال له في جريدة الأهرام بعنوان( الإعلام الأجنبي يحرث بلادنا )” أفسحت وسائل إعلام غربية مساحات لرموز متعصبة من الأقليات لنشر أكاذيب وسموم ومبالغات وفتن”.
دعونا نتأمل اليوم مثال .. وهو مانشره موقع قناة الحرة الأمريكية بعنوان “الشيعة في السعودية.. حقوق مسلوبة أم ادعاءات مبالغ فيها؟” ونلاحظ هنا تقديم وجهه النظر الأولى على الثانية في العنوان وهذا له دلالة قوية ومفهومة .
يبدأ التحقيق الذي نشرته الحرة بعبارة ” تشير تقارير أصدرتها منظمات دولية وعربية إن أبناء الأقليات الدينية في المملكة العربية السعودية يعانون بشكل عام من سياسات حكومية تقيد حرية التعبير والمعتقد، ناهيك عن القيود المفروضة على التظاهر السلمي والانترنت”.ولكن التحقيق اقتصر فقط على تقرير أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية، فأين ماذكرته المنظمات العربية ؟!
وتستشهد بالحرة بتقرير منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان في تقريرها السنوي لعام 2012 والذي يقول “إن من يفصح عن معتقداته الشيعية بشكل سري أو علني يحتجز أو يعتقل وخاصة في الحرم المكي والمدينة، وأن  المسؤولون الحكوميون يعمدون إلى إقصاء الشيعة من بعض الوظائف العامة “.
أربعه مقابل اثنين أين الحياد ؟!
واصلت الحرة تأكيدها أن الشيعه في السعودية يعانون من التمييز من خلال استطلاع رأي بعض الناشطون من المذهب الشيعي وهم أربعه ( وليد سليس ، توفيق السيف ، أحمد الربح ، جعفر الشايب )
أما وجهه النظر الأخرى التي تتحدث أنه لايوجد تمييز ضد الشيعة في المملكة كانت لاثنين فقط مدير تحرير جريدة الجزيرة السعودية جاسر عبد العزيز الجاسر ، والدكتور محمد عبد الله آل زلفة أستاذ التاريخ في جامعة الملك سعود عضو مجلس الشورى السابق.
وهنا يظهر عدم الحياد ففي الوقت الذي افسحت فيه المجال أكثر لوجهه النظر الأولى التي تقول أن حقوق الشيعة مسلوبة في السعودية.
في المقابل حرصت الحرة على التقليل من وجهه النظر الأخرى التي تقول أنه لايوجد تمييز ضد الشيعه فجاءت تصريحاتهم مختصرة ومقتضبة ، وتنتهي دائماً بعبارة (حسب قوله )، وهذه العبارة تعني في عرفنا نحن الصحفيين أن المحرر أو كاتب التحقيق يتملص من المسؤولية عن ماقاله المصدر أو الضيف ، أو أنه غير متفق معه ولكنه يكتبه من باب تعدد الآراء .
وأوردت الحرة تصريح قصير آخر للدكتور آل زلفة واستخدم المحرر تعبير ” يعتقد ” هنا للدلالة على التشكيك
حيث ذكرت الحرة ” يعتقد آل زلفة أن ضعف أو انعدام تمثيل أبناء الطائفة الشيعية في أجهزة الأمن والجيش يعود إلى “طبيعتهم في الأساس، فهم يعزفون عن مثل هذه القطاعات”!!.
وأبرزت الحرة تغريدة تقول أنها لرئيس لجنة المحامين في الغرفة التجارية الصناعية في المدينة المنورة سلطان بن زاحم على حسابه على موقع تويتر يقول فيها “اعتقد لو تم تحليل أبناء الشيعة لما وجدت إلا القليل هم من أصلاب أبائهم المنسوبون إليهم، أي غير معروفي النسب، أبناء زنا”. لماذا يتم تسليط الضوء على مثل هذه التصريحات الشاذة التي يرفضها الإسلام ؟؟.
تبرير فاشل لعدم الحياد .. في ختام التحقيق يقول الكاتب” هذا، ولم ترد وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة الإرشاد أو أي من المسؤولين في السعودية على اتصالاتنا المتكررة بهم للحديث عن الموضوع”، في محاولة من الكاتب لتبريره سبب إغفال وجهه نظرهم التي يجب أن تكون ركيزة هامة في هذا التحقيق نظراً لمسؤوليتهم المباشرة في أي موضوع ديني  .

نتائج زائفة لاستطلاع التمييز ضد الشيعه في السعودية
نشرت الحرة في ذات الموضوع استطلاع للرأي بعنوان ” حديث الشيعة عن التمييز.. حقوق مسلوبة أم إدعاءات باطلة؟” ، والنتيجة حتى الآن
إدعاءات باطله 56.99%  (77,512 أصوات)
حقوق مسلوبة 40.47%  (55,041 أصوات)
أخرى 3%  (3,459 أصوات).
ونلاحظ أن استطلاع الرأي هذا ينطوي على مجموعة من العيوب وهو أنه يضعنا أمام خيارته هو فقط، ولايدع المجال لذكر الحقيقة كاملة حول وضع الشيعه في السعودية .
وكذلك هناك إشكالية أخرى وهي من قام بالتصويت .. فمن غير المعروف هل من قام بالتصويت طفل أو شاب،  سني أم شيعي ، سعودي أم أجنبي، فمثلاً كيف يمكن الأخذ برأي طفل في استطلاع رأي حول موضوع أكبر منه ؟؟، أو كيف يحكم شخص غير مقيم بالسعودية على واقع الشيعه فيها .
أما الأخطر من هذا وذاك فهو إمكانية التصويت أكثر من مرة وقد جربت ذلك بنفسي فلاتوجد أي إجراءات أمنية يتبعها الموقع تفادياً للتلاعب بنتائج الاستطلاع ومنعا للتصويت أكثر من مرة من نفس الجهاز.
وهذا يعني أن شخص واحد قد يستخدم صوته بشكل متكرر يقلب النتيجة للعكس، بمجرد الضغط عده مرات على أحد الاختيارات.
في النهاية كيف يمكن لي أن أثق في نتائج هذا الاستطلاع ؟!
أمريكا تستخدم ورقة الشيعة
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر هاجمت الولايات المتحدة الأمريكية الحكومة السعودية وتم تحميلها جزء من المسؤولية بسبب سياستها ومنهاجها التعليمية, وكانت الورقة الشيعية إحدى الأوراق التي تهدف إلى الضغط على الحكومة السعودية وإظهارها بمظهر المعادي لحقوق الإنسان.
واستغل الشيعة هذا الأمر وبدءوا يعلنون مطالبهم ويكثرون من الشكوى, وأدى هذا إلى قيام الدولة السعودية بعقد الحوار الوطني السعودي لأول مرة بين علماء السنة وممثلين عن الشيعة والإسماعيلية وغيرهم.
ورحب سبعة من ابرز العلماء الشيعة في القطيف شرق السعودية بدعوة العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز لتأسيس مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية في الرياض.
كانت السلطات السعودية قد أوقفت إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي الحذيفي عن إمامة المسجد بعد خطبة تحدث فيها عن الشيعة ووصفهم بـ”الروافض”.
سلوكيات خاطئة من الجانبين (السني والشيعي)
الحقيقة أن هناك سلوكيات خاطئة من كلا الجانبين السني والشيعي ، فهناك بعض السعوديون من أهل السنة من يسيء إلى الشيعة ويسبهم ويصفهم بالرافضة والمجوس ، وفي المقابل هناك من المتشددين الشيعة من يصفون أبناء السنة بأوصاف إقصائية وتكفيرية ، وبعضهم يشتمون الصحابة وأم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها -.
ماذا تعرف عن قناة الحرة ؟؟
الحرة قناة فضائية مقرها في الولايات المتحدة الأمريكية،  وتمولها الحكومة الأمريكية، بدأت البث في 14 فبراير، 2004 ، وتصل إلى 22 بلد عبر الشرق الأوسط،.
تعد الحرة أكبر مشروع إعلامي- سياسي – غربي – موجه للعرب منذ إطلاق القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” في عام 1934م، وصوت أمريكا  باللغة العربية في عام 1942م.
أما كلفت تأسيس القناة فتجاوزت 400 مليون دولار، وقد خصص الكونجرس الأمريكي ميزانية قدرها 62 مليون دولار لتمويل القناة لعامها الأول .
وقد استهلت القناة إرسالها بحوار خصها به الرئيس الأمريكي جورج بوش ،تحدث فيه عن مشروعه لـ” نشر الديمقراطية في العالم العربي”، وبالأخص في المملكة العربية السعودية وسوريا وإيران.
لطالما انتقدت الحرة بسبب مذيعي الأخبار وتغطيتها المنحازة للأحداث  ، فعندما استشهد الشيخ أحمد ياسين في غارة جوية إسرائيلية في 2004، واصلت الحرة عرض برنامج للطبخ ولم توقفه لمناقشة آخر الأخبار.
وتسعى قناة الحرة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الغير معلنة منها تحسين صورة أميركا في العالم العربي في أعقاب غزو العراق، و تسويق السياسات الأمريكية في منطقة الشرق والعالم كمباردة الشرق الأوسط الكبير ، وتعمل الحرة في إطار خطة لفرض قيم العولمة الأمريكية وتشويه الهوية العربية والإسلامية .
لاتقع في فخ الحرة وغيرها
يستطيع المشاهد العربي بذكائه ووعيه أن يتفادى الفخ الذي تحاول الحرة وغيرها من القنوات الأجنبية أن توقعنا فيه ،يستطيع المشاهد بذكائه وفطنته أن يفشل المشروع الغربي لاستعمارنا  حضارياً وثقافياً وفكرياً، يستطيع المشاهد بفطرته التي خلقه الله عليها أن يفرق بين الغث والثمين فيما يقدم له من خلال وسائل الإعلام .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق